تشوهات الحيوانات المنوية

تأخر الإنجاب

3/24/20251 دقيقة قراءة

تشير أشكال الحيوانات المنوية إلى حجم وشكل ومظهر الحيوانات المنوية، والتي عندما تكون غير طبيعية قد تؤثر سلبًا على الخصوبة وتجعل من الصعب على الحيوان المنوي تخصيب البويضة. يُطلَق على حالة ارتفاع نسبة الحيوانات المنوية ذات الأشكال غير الطبيعية مصطلح تراتوزوسبيرميا (Teratozoospermia) في الطب. ورغم أن وجود نسبة من التشوهات في شكل النطاف هو أمر شائع حتى لدى الرجال الطبيعيين، إلا أن زيادة هذه التشوهات عن حد معين (أقل من 4% فقط ذات شكل طبيعي) تُعدّ أمرًا مرضيًّا يستدعي التقييم. سنستعرض فيما يلي أنواع تشوهات الحيوانات المنوية، وأسبابها الشائعة، وطرق تشخيصها، وأبرز أساليب العلاج المتاحة للتعامل معها.

أنواع تشوهات الحيوانات المنوية

الشكل الطبيعي للحيوان المنوي: يُبيّن الرسم التوضيحي أجزاء الحيوان المنوي الرئيسية؛ رأس بيضوي الشكل يحتوي على نواة المادة الوراثية وغطاء الأكروسوم، وعنق (قطعة وصل) يتصل به الجزء الأوسط الغني بالميتوكوندريا التي تولّد الطاقة، ثم الذيل الطويل (السوط) الذي يوفر الحركة. أي خلل في تكوين أي من هذه الأجزاء (الرأس أو القطعة الوسطى/العنق أو الذيل) قد يؤدي إلى ظهور تشوهات شكلية في الحيوان المنوي. فيما يلي أمثلة مبسطة على أهم أنواع التشوهات حسب مكان الخلل:

تشوهات في الرأس: قد يكون الرأس أكبر من الطبيعي بشكل غير اعتيادي (رأس كبير أو ضخم أو أصغر من المعتاد رأس صغير أو يشبه الدبوس (رأس دبوسي حيث يكاد يخلو من المادة الوراثية). كما يمكن أن يظهر أكثر من رأس في حيوان منوي واحد (رأسان أو أكثر)، أو تكون شكل الرأس غير طبيعي مثل الرأس المخروطي/المستدق أو الكروي تمامًا. هذه العيوب في شكل الرأس قد ترتبط بمشكلات في المادة الوراثية المحمولة؛ فمثلاً النطاف كبيرة الرأس قد تحوي كروموسومات إضافية غير طبيعية، بينما صغيرة الرأس قد تفتقد بعض المادة الوراثية أو تعاني من خلل في الغطاء الإنزيمي (الأكروسوم) الضروري لاختراق البويضة. وهناك نوع شديد من صغر الرأس يسمى الرأس الدبوسي يكون فيه الرأس ضامرًا جدًا لدرجة قد يخلو معها من النواة تمامًا. أما النطاف عديمة الرأس فتكون مكونة من ذيل فقط بدون رأس على الإطلاق، وبالتالي تفتقد المادة الوراثية كليًا.

تشوهات في العنق/القطعة الوسطى: تشمل تضخم أو تورّم القطعة الوسطى (العنق السميك) بشكل غير طبيعي، مما قد يشير إلى خلل في الميتوكوندريا الموجودة في هذه المنطقة. قد تُلاحظ أيضًا وجود فراغات (فجوات) غير طبيعية في رأس الحيوان المنوي تُسمى فجوات نووية (أي تكوّن فقاعات داخل النواة) والتي قد تؤثر على قدرة الحيوان المنوي على الإخصاب. تشمل التشوهات أيضًا اتصالاً غير سليم بين الرأس والذيل؛ فعندما يكون تركيب العنق معيبًا قد ينفصل الرأس عن الذيل أو يكون زاوية الاتصال غير طبيعية. كذلك قد يظهر انتفاخ في منتصف الذيل وهو علامة على خلل في تركيب القطعة الوسطى. بشكل عام، أي خلل في بنية القطعة الوسطى أو العنق يمكن أن يُضعِف من قدرة الحيوان المنوي على نقل الطاقة اللازمة للحركة أو قد يشير إلى عيوب في المادة الوراثية المحمولة.

تشوهات في الذيل: قد يتخذ ذيل الحيوان المنوي أشكالًا غير طبيعية متعددة. من الأمثلة الشائعة التفاف الذيل حول نفسه (ذيل ملفوف يشبه شكل حلزوني) أو انحناء الذيل بشكل حاد، وهذه العيوب تعيق السباحة الأمامية للحيوان المنوي. هناك أيضًا حالة الذيل المزدوج حيث يمتلك الحيوان المنوي ذيلين بدلًا من واحد، أو ذيل قصير جدًا يُعرف باسم الذيل الجذعي يكون فيه الذيل غير مكتمل الطول ولا يوفر قوة دفع كافية. وفي بعض التشوهات الأشد يكون الذيل مفقودًا كليًا (عديم الذيل)، مما يمنع الحيوان المنوي من الحركة نهائيًا. هذه المشكلات في بنية الذيل تؤدي إلى ضعف أو انعدام القدرة على السباحة والوصول إلى البويضة لإخصابها.

الأسباب الشائعة لتشوهات الحيوانات المنوية

هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على تكوين الحيوانات المنوية وتؤدي إلى ظهور نسبة عالية من التشوهات في أشكالها، مثل:

  •       العوامل الوراثية.

  •       الالتهابات المزمنة.

  •       دوالي الخصية.

  •       التعرض للحرارة المرتفعة.

  •       التلوث والمواد الكيميائية.

  •       بعض الأدوية أو العلاجات الكيميائية.

  •       سوء التغذية ونمط الحياة غير الصحي.

تشخيص تشوهات الحيوانات المنوية

أهم طريقة للتشخيص هي:

  •      تحليل السائل المنوي: الذي يقيس عدد الحيوانات المنوية، حركتها، وشكلها. يُعتبر الشكل طبيعيًا إذا كانت نسبة الأشكال السليمة تتجاوز 4% حسب معايير منظمة الصحة العالمية.

  •       الفحوص الإضافية: تشمل تحاليل الهرمونات، التصوير بالموجات فوق الصوتية للخصيتين، والفحوص الجينية في الحالات المعقدة.

العلاجات المتاحة لتشوهات الحيوانات المنوية

أولاً: العلاجات الدوائية والمكملات

  •       مضادات الأكسدة مثل فيتامين C وE، الزنك، السيلينيوم، والكارنيتين.

  •       أدوية لتحسين التوازن الهرموني مثل كلوميفين أو أدوية لعلاج ارتفاع هرمون الحليب.

  •       علاج الالتهابات بالمضادات الحيوية إذا كانت سببًا.

ثانيًا: تحسين نمط الحياة

  •       التغذية الصحية الغنية بمضادات الأكسدة.

  •       ممارسة الرياضة بانتظام.

  •       تقليل التوتر.

  •       تجنب التدخين والكحول والمخدرات.

  •       ارتداء ملابس داخلية مريحة وتجنب الحرارة الزائدة على الخصيتين.

ثالثًا: التدخلات الطبية

  •       جراحة دوالي الخصية في حال تشخيصها.

  •       الجراحة الميكروسكوبية لعلاج انسدادات أو مشاكل هيكلية.

رابعًا: تقنيات المساعدة على الإنجاب

  •       التلقيح الصناعي داخل الرحم (IUI) للحالات المتوسطة.

  •       الحقن المجهري (ICSI) في حال كانت التشوهات شديدة أو الحركة منعدمة.

  •       تقنيات اختيار أفضل الحيوانات المنوية.

في الأخير تشوهات الحيوانات المنوية قد تؤثر على القدرة الإنجابية للرجل، ولكن في كثير من الحالات يمكن علاجها أو تجاوزها من خلال تحسين نمط الحياة، العلاجات الطبية، أو عبر تقنيات الإخصاب المساعد. من المهم تشخيص الحالة بدقة واللجوء إلى الطبيب المختص لتحديد السبب والعلاج الأنسب لكل حالة. الالتزام بالعلاج والتغييرات الصحية قد يُحدث فارقًا كبيرًا في فرص الإنجاب.